كتب : أ. د. أثير محمد صبري الجميلي*
القلب الرياضي Athlete’s Heart :
مصطلح القلب الرياضي بالإنكليزية (Athlete’s Heart) وبالألمانية (Sportherz) من المصطلحات العلميّة الفسيولوجيّة التي ارتبطت بتضخّم عضلة القلب جرّاء مُمارسة الفعاليّات والأنشطة الرياضيّة لفترات زمنيّة طويلة نسبيًّا، وقد أشارت العديد من المصادر الأجنبيّة والعربيّة إلى أن فعاليّات التحمّل وتحمّل القوّة هي التي تساعد على تضخّم عضلة القلب وخاصّة المسابقات التي تُعرف بألعاب وأنشطة مقاومة الإحتكاك منها التجذيف والدرّاجات الهوائيّة والسباحة وكرة الماء والركبي وكرة القدم الأمريكية والرجل الحديدي وجري المسافات المتوسّطة والطويلة وسباق 3000م موانع بألعاب المضمار والميدان وكذلك بكرة السلة وكرة اليد لإرتباط حجم القلب بحجم جسم اللاعب نفسه. كما ذكرت المصادر تضخّم عضلة القلب وُجِدَ في رياضة رفع الأثقال لدى الربّاعين أيضًا.
لقد أثار مقال الدكتور فراس عبد الحميد البدراني (الحقيقة المُرّة) الذي تطرّق فيه إلى أن تضخّم عضلة القلب يحصل بسبب مطاطيّة الألياف وزيادة سُمْكَها وقوّتها الإنقباضيّة نتيجة الزيادة التي تطرأ على جدران عضلة القلب وهذا يحصل بشكل أفضل من خلال تنفيذ طرائق التدريب المُرتفعة الشدّة اللاهوائيّة مقارنة بطرائق التدريب المتوسّطة الشدّة الهوائيّة حيث تزداد قوّة إرتدادها وإنقباضها أكثر. وقد عرض عدد من المصادر الفسيولوجيّة والتدريبيّة العربيّة التي ذكرت هذه الحقيقة الفسيولوجيّة لتضخم القلب أو ما يطلق عليه (القلب الرياضي) ونسبتهُ إلى طرائق التحمّل الهوائي أكثر. ولاقت مقالة الدكتور فراس تأييد وإستحسان من بعض الأساتذة كما لاقت معارضة ورفض من بعض الأساتذة المتخصّصين في الفسلجة وعلم التدريب الرياضي.
لذا وجدنا ضرورة توضيح وإسناد وتأييد تلك الحقيقة المُرّة، ونحن من أيّد ما جاء به مقال الدكتور فراس من خلال كتابة هذه المقالة العلميّة حول موضوع القلب الرياضي. وسوف نقوم بترجمة بعض الإقتباسات من المصادر العلميّة الأجنبيّة المتوفرة لدينا لأجل تأكيد رأينا في تضخّم عضلة القلب الرياضي.
1- الموسوعة العالميّة الحُرّة ويكيبيديا بالألمانيّة (de.wikipedia.org/wiki/Sportherz) :
القلب الرياضي أو قلب الرياضي في الطبّ الرياضي، ويشار إلى تضخّم القلب غير المرضي (تضخّم عضلة القلب) على أنه يتم تدريبه كما في سياق الرياضات التنافسيّة، وخاصّة في رياضات التحمّل. التدريب البدني المكثف والشديد يؤدّي إلى زيادة في كتلة العضلات (نمو العضلات). هذا لا ينطبق فقط على العضلات الهيكليّة ولكن أيضًا على عضلة القلب. يعتبر تضخّم عضلة القلب هذا استجابة فسيولوجيّة مناسبة لزيادة مستوى الإجهاد. لا يشكّل التسبّب في التوسيع الرياضي للقلب خطرًا على صحة الرياضيين وفقًا للنتائج العلميّة السابقة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الرياضيون تغييرات مرضيّة نموذجيّة تحدث بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب ممارسة الرياضة. يمكن تجنّبها قدر الإمكان من خلال مُراقبة صحية مناسبة لزيادة درجات الحِمل لأن التغييرات الفسيولوجيّة والمرضيّة يمكن أن تتداخل مع بعضها البعض.
التأريخ والصفة:
في عام 1899، قام الطبيب السويدي سالومون إبرهارد هنشن بتشخيص ظاهرة تضخم القلب عن طريق دراسة القفص الصدري للمتزلّجين الفنلنديين للمسافات الطويلة على الجليد قبل وبعد المنافسة. توصل إلى استنتاج مفاده أن القلب المتضخّم في التدريب يمكن أن يفعل أكثر من قلب غير متدرّب من الحجم الطبيعي. ويسمّى هذا “قلب الرياضي” ، “قلب رياضي” ، “القلب الرياضي” أو “قلب السلطة”. علمًا بأن التعبير الانكليزي هو قلب الرياضي أو Athlete’s Heart .
ولاحظ علماء الطب أيضًا أنه بعد الاستنفاذ الجسدي الكامل، تتابع تضخّم القلب وتفسيره على أنه فشل قلبي. واعتبرت هذه الملاحظة خاطئة لسنوات عدّة حتى عام 2000 حيث أن إجراء فحوصات تخطيط صدى القلب على الرياضيين بعد استنفاد بدني طويل ومُجهد خلال المسابقات يمكن أن توثق تضخم عابر للبطين الأيسر مع ضعف الأداء القلبي. تم العثور على قلب الرياضي فقط في الرياضيين مع التدريب على التحمّل ، وعلى الأرجح أكثر العضلات التي يستخدمونها.
التدريب :
تؤثر مدة ونوع التمارين البدنيّة على مدى التغييرات في حجم القلب وهيكله. على الرغم من أن التدريب القصير جداً غير قادر حتى الآن على التأثير على حجم القلب، ولكن لتحسين الحدّ الأقصى لاستهلاك الأكسجين ومعدّل ضربات القلب يجب أن يتم بالشدّة دون القصوى (submaximal) ومن ناحية أخرى، يؤدّي التدريب على المدى الطويل إلى تضخّم البطين الأيسر، والذي يتراجع تمامًا بعد نهاية التدريب دون آثار ضارة. على الرغم من أن أنواع معيّنة من التدريب تحدّد التغييرات الهيكليّة في عضلة القلب، فإن مستوى الاستجابة للتدريب يختلف بشكل فردي بشكل كبير. وبشكل عام يكون معدّل ضربات القلب عند الراحة أقلّ بشكل ملحوظ في متوسّط عدد الرياضيين المتقدّمين في رياضات التحمّل مقارنة بأصحاب الألعاب الأقلّ تدريبًا، وقد يكون مُعدّل ضربات القلب في حدود 30 إلى 50 نبضة في الدقيقة.
التضخم المركزي واللامركزي:
في كثير من الأحيان يتطوّر الرياضيون الذين يتسمون بالحركات الديناميكيّة بتضخّم عضلة القلب اللامركزي حيث يزيد سمك الجدار إضافة إلى انخفاض الحجم الانبساطي، حيث تبقى نسبة حجم وسماكة جدار البطين الأيسر طبيعيّة. في الحالة المرضيّة، يوجد العديد من حالات قصور صمّام القلب بشكل أكثر تكرارًا في هؤلاء الرياضيين.
وعلى النقيض من ذلك فإن الرياضيين الذين يمارسون ويتدرّبون على الحركات الثابتة الإيزومترية ، يحصلون على تضخّم في عضلة القلب بالإنقباضات المركزيّة، أي سماكة جدران موحّدة لكُلّ أقسام عضلة القلب في البطين الأيسر. في تضخّم القلب المركزي، لا يحصل أي تغيير في شكل إمتداد البطين الأيسر، على عكس الرياضيين الذين يتناولون المنشّطات البنائيّة. وقد أظهرت الدراسات أن هذه المواد المنشّطات تغيّر من تضخّم فسيولوجي طبيعي وتؤدّي إلى “تقوية” مرضيّة في عضلة القلب. قد يكون هذا الانخفاض في الامتثال التمدّدي من البطين الأيسر مُقدّمة لقصور القلب الانبساطي.
آثار التدريب :
لا يوجد دليل على أن ممارسة الرياضة قد تضرّ القلب الطبيعي. على العكس، يؤدّي التمرين إلى تحسين الأداء الوظيفي للقلب مع زيادة حجم الضربة والناتج القلبي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ملاحظة انخفاض في النشاط الجهاز العصبي الباراسمبثاوي أو نظير الودي وخاصّة تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي.
الفحص البدني :
غالبًا ما يكون من الصعب التمييز بين عمليّات التكيّف الفيزيولوجي لدى الرياضيين وبين التغييرات التي تحدث مع قيمة المرض، والتي تعتبر شائعة في الرياضيين كما هو الحال في السكان العاديين. يتم ذلك عن طريق الفحص البدني البسيط وطرق الفحص المعدّات التكميليّة. في الفحص البدني للرياضيين التنافسيين، يتميّز بُطء القلب المُريح بنموٍّ غائرٍ متزايدٍ وتغيّر في معدّل ضربات القلب التنفسي واضح بشكل خاص.
طالما لا توجد شكاوى، يمكن تحمّل معدّلات ضربات القلب حتى 30 إلى 40 نبضة في الدقيقة الواحدة. ومن الملاحظ أيضًا وجود صوت إرتدادي قليلًا، وهو صوت القلب الثالث والرابع (خاصّة عند الاستلقاء) وأصوات القلب الانقباضيّة – كلها طبيعيّة في الرياضيين التنافسيين.
2- كتاب الإعداد البدني الحديث باللغة الألمانيّة (2008) :
2) Grosser, Starichka, Zimmermann (2008): Das neue Konditionstraining. BLV Buchverlage GmbH, MÜNCHEN, sei. 136.
طرائق التدريب الفتري مرتفع الشدّة بالفترات التحفيزيّة القصيرة :
– شدّة الحمل: دون القصوى حتى القصوى (سرعة الأداء الحركي) مع زيادة في تركيز حامض اللاكتيك إلى مستوى أعلى من 8 ملمول.
– فترات الراحة: 1-2 دقيقة بين التكرارات، ثم 7-12 دقيقة بين المجموعات .
– حجم الحمل التدريبي: 9-12 تكرار، 3-4 مجموعات .
– زمن المثير أو الحافز: الزمن الكُلّي حوالي 30 دقيقة (مع زمن فترات الراحة).
مظاهر التأقلم والتكيّف/ فعاليّة نوع التدريب:
– تضخّم العضلة القلبيّة (Herzvergrößerung) .
– تحسين سرعة إنقباض الألياف العضليّة السريعة الإنتفاض .
– تحسين إنتاج حامض اللاكتيك (بالألياف السريعة والبطيئة الإنتفاض) رفع تركيز حامض اللاكتيك.
– تفعيل التفاعلات الهوائيّة (في فترات الراحة لتسريع تعويض نقص الأكسجين).
الإستخدام / الهدف المطلوب:
– لزيادة سعة عمل نظام اللاكتيك أسيد اللاهوائي (إنتاج حامض اللاكتيك).
– تحسين القدرة الهوائيّة القصوى VO2max (فوق مستوى عمل القلب).
3- المدخل في علم التدريب الرياضي بالألمانيّة (2008):
3) 2) Hohmann, Lames, Letzelter (2008): Einführung in die Trainingswissenschaft. Limpert Verlag Wiebelshim, Murbug, sei. 64.
في طرائق التدريب الفتري نفرّق بين نوعين من تلك الطرائق هُما التدريب الفتري مُرتفع الشدّة والتدريب الفتري مُنخفض الشدة. ففي التدريب المنخفض الشدّة يتم بالغالب تدريب قدرة التحمّل الهوائي من خلال زيادة واضحة وكبيرة في حجم الحمل التدريبي. أما تأثيرات هذا النوع من التدريب فسوف تقع على تحسين جهازي القلب والدوران، وهذا يعني تحسين التشعب الشعيري الدموي بالألياف العضليّة العاملة (تأقلم محيطي) وتحسين حجم الطرح القلبي (تأقلم مركزي).
أما في طريقة التدريب الفتري مُرتفع الشدّة سوف يتم تدريب قدرة التحمّل اللاهوائي غالبًا، ويقع معظم هذا النوع من التدريب على شدّة الحافز أو المثير التدريبي المُرتفع، وبذلك يتم إعادة وتكرار تلك المُثيرات أو الحوافز بشكل فردي وفي مجموعات، ومن أمثلة هذا النوع من التدريب (طريقة فريبورك الفترية Freiburger Intervalltraining, ) ويطلق عليها أيضًا بطريقة التدريب الرياضي القلبيّة أو (Sportherztraining) والتي تنفذ عن طريق مثيرات تحميليّة قصيرة وشديدة لمدة (20-30 ث) ويتم تكرارها بمجموعات كبيرة على سبيل المثال (جري 10×100م، 10×150م و10×200م).
بواسطتها يتم زيادة حجم الطرح القلبي عن طريق زيادة تضخّم جدران القلب بعد فترات تدريب متوسّطة إلى طويلة وهذا تم إثباته معنويًّا بهذة الطريقة التدريبيّة المُرتفعة الشدّة. وبنفس الوقت سوف يتم تعلّق زمن ومدّة تمرين التحمّل بقابليّة الإستخدام والحفظ لنظام حامض اللاكتيك اللاهوائي أو تقنين عمل نظام الطاقة اللاهوائي اللاكتيكي (Milchsäure anaerobes system).
وبذلك فإن طريقتي التدريب الفتريّة المُرتفعة والمُنخفضة الشدّة سوف تستخدم كثيرًا وعلى شكل مجموعات أو سيتات وبأشكال ومسافات ومُدَدْ وفي تنظيمات مختلفة لأجل الإستفادة من كلا تأثيراتها على أجهزة الجسم.
موضوع جديد عليا