تحدّيات قطر    

 

إياد الصالحي

تزداد دولة قطر  حماسة لإنجاح كرنفالاتها الكبيرة، وتدخل التحدّيات تلو الأخرى، كأنها لا ترضى عمّا تحققه في حدثٍ مضى وتنشد أن يكون التالي أكثر إبهارًا وأروع ذكرى.

بالأمس وصلنا إلى العاصمة القطريّة الدوحة بدعوة من اللجنة المحليّة المنظّمة لبطولتي كأس العرب وكأس العالم تحت 17 عامًا FIFA قطر 2025 لحضور القرعة النهائيّة يوم غد (الأحد) في فندق “رافلز الدوحة” فكُلّ شيء يعكس جاهزيّة القطريين بتعاضد الكوادر المتخصّصة في الاتحاد الدولي لكرة القدم على تهيئة مستلزمات القرعة وتهيئة عوامل نجاح البطولتين على غرار ما حصل لبطولات كُبرى في مقدّمتها مونديال 2022 الذي سيبقى محطّ اختبارٍ للدول المضيّفة لكأس العالم إن كانت قادرة على مُضاهاة ما حصل قبل ثلاث سنوات في بلد استثنائي الطموح والإرادة والمنجز.

الحدث الأبرز الذي يهمُّ المنطقة على مدى ثمانية عشر يومًا من تشرين الثاني هذا العام هو عودة الأشقاء العرب للتنافس مرّة ثانية في الدوحة بعد أن جمَعَت شملهم عام 2021 بالشراكة مع الفيفا حيث خطف الجزائريون الكأس بجدارة في النهائي المثير مع تونس، وقتها أعطت قطر للبطولة اهتمامًا خاصًّا، وبعدها نالت موافقة مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم في 15 أيار 2024 على منحها شرف استضافة كأس العرب بنسخها الثلاث (2025 و2029 و2033) لا سيّما أن الاتحاد العربي لكرة القدم تلكّأ في تنظيمها منذ آخر بطولة بالسعودية عام 2012 “النسخة التاسعة” وقبلها بعشر سنوات أقيمت في الكويت “النسخة الثامنة” عام 2002 وفازت بها السعودية، لذلك أصبحت المنافسة فيها من أهم أمنيات المنتخبات العربيّة التي تجد أفضل صور تقييم مستوياتها بين العرب الكبار كلّما سنحت لها الفرصة بالمشاركة وفقاً لآليّة القرعة وحسم مباريات المُلحق التأهيلي وتأثير التصنيف الدولي في تحديد مستويات المنتخبات ضمن المجاميع الأربع في النهائيّات.

أما الحدث العالمي الآخر الذي عزز ثقة الاتحاد الدولي بمنح قطر تنظيم البطولات العالميّة هو قرعة كأس العالم تحت 17 عامًا والتي ستنظّمها الدوحة للفترة من 3 إلى 27 تشرين الثاني 2025، فهي من البطولات الرئيسة في أجندة الفيفا لتخريج نجوم المستقبل خاصّة بعد قراره بزيادة عدد المنتخبات المشاركة إلى 48 فريقاً يرى فيهم توسِعة لقاعدة اللعبة على الصعيد النوعي لما للاعبين الناشئين من إمكانيّات مُدهشة ترسم خطوط التألّق بهذه السنّ المبكّرة، وتأسر قلوب كبار رؤساء الأندية الأوروبيّة في مراقبة مراحل انتقالهم إلى الفرق الأخرى مع متابعة وكلاء أعمال لا تنتهي مهامهم إلا بضمّ أبرز اللاعبين في أكاديميّات وأندية تعتني بهم تأهيلاً لإبرام صفقات كبيرة بعد خمس سنوات.

صراحة، واكبنا على الصعيد الشخصي، ومنذ كأس آسيا عام 2011 في أرض قطر، عديد البطولات والفعاليّات والمؤتمرات، وشهدنا بزيارات ميدانيّة نظّمتها اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية لجميع ملاعب المونديال 2022 من بدايات الإنشاء إلى مناسبات الاحتفاء بإنجازها، في كُل مشروع قصّة تستحق أن توثق، ولكُل إرث رموز اسهموا في إعلاء سُمعة الرياضة القطريّة التي وحّدت الجهود الوطنيّة ولم تفرِّق أو تميّز بين كفاءة ونظيرتها إلا بفارق الإعجاز، فصارت الدوحة وجهة سياحيّة استوعبت أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون متفرّج في مدرّجات بطولة المونديال وحدها، علاوة على انتعاش الاقتصاد والتنوّع الثقافي والتطوّر العمراني وتحديث البنية التحتيّة، كُلّ ذلك بفضل نُبل التعاون ونقاء الفكر والأخلاص في المهام.

هكذا تعمل مؤسّسات الرياضة في قطر، تجتمع على حُبّ البلد ولا تختلف إلا على من يقدّم العطاء الأقل من غيره، تتسق خطط العمل فيها تحت أنظمة محدّدة وصلاحيّات لا تتصارع على إبراز (الأنا) كما يحصل في بلدان أخرى، قطر تكرّس الأموال من أجل بناء الملاعب الأفخم لا التقليديّة، وتزدحم السنة الواحدة بالأنشطة القاريّة والعالميّة للبقاء ضمن صفوف الدول الأولى في عمليّات التنظيم الرياضية والتحضير البشري فنيًّا ونفسيًّا لصناعة الفخر للوطن والسعادة للشعب والزهو للجيل القادم.

أنشر عبر

شاهد أيضاً

كفى مقامرة بـ”كُرة العراق”!

  إياد الصالحي آثرنا عدم تناول خيارات رئيس اتحاد كرة القدم عدنان درجال الفنيّة لتسمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *