يعقوب ميخائيل
لم أكن راغباً في العودة إلى تذكير الكثير من متابعي مباريات منتخبنا في التصفيات المؤهّلة إلى كأس العالم بأن المطالبة المتكرّرة (بالاستقرار) على التشكيلة قد لا تنفع (منطقيًّا) مع التطوّر والحاجة التي تقتضيها منافسات كرة القدم في عالمنا (اليوم) !!، إلا أنني أرتأيت في هذه المرّة أيضًا أن أعود إلى أيام الراحل الخالد عموبابا لأسباب فرضتها مباريات منتخبنا في هذه الرحلة من التصفيات واستوجبت التشكيلة أن تخضع للمدّ والجزر (إن صحّ التعبير) في أكثر من مرّة وفي أكثر من مباراة؟
لقد سبق لنا القول أن المنتخب الذي يخوض غمار منافسات تصفيات المونديال حاليًّا يختلف عمّا كان منتخبنا أو بالأحرى عن الظروف التي جرت فيها منافسات الكرة في حُقبة الثمانينيّات أو حتى قبلها.. والأسباب ببساطة معروفة حيث لم يكن في وقتها احتراف ولا غياب متكرّر بسبب الاصابات التي تفرضها كثرة المنافسات! ولا تحديد مشاركة المحترفين مع المنتخب واقتصارها على أيام (فيفا دي)!، كُل هذه الأسباب وغيرها تجعلنا أن نتفق إلى حدٍّ كبير مع التصريح الأخير للمدرب كاساس الذي أكّد هو الآخر ما ذهبنا إليه من قبل بالقول: إن لكُلّ مباراة ظروفها!، وكُل مباراة تحتاج إلى أسلوب مغاير عن الأخرى سواء في التشكيلة أم في خيارات قد تكون اضطراريّة تُجبرنا على (العمل) أو الخضوع وفقًا لمتطلّباتها وتداعياتها!
حديث المدرب بعد مباراتنا الثانية مع الفلبين إنما كانت أشبه برسالة واضحة تشير إلى ضرورة التخلّي عن مفردة (الاستقرار) التي مازالت تتكرّر هنا وهناك عبر وسائل إعلاميّة مختلفة!، كما أن تصريح المدرب يوحي في الجانب الآخر أن (سياستنا) أي سياسة المدرب تمضي لفرض المنافسة بين اللاعبين على الدوام، بل مع كُل مباراة يخوضها المنتخب.. أي بتوضيح أدقّ.. إن المدرب قد أقدم على فرض المنافسة بين اللاعبين من خلال الإيحاء بالقول، ليس هناك ضمانة لأي لاعب في صفوف المنتخب.. وإنما اللاعب الأحقّ هو الذي سيأخذ موقعه في التشكيلة!
كُل هذه الأمور وغيرها قد نتفق فيها إلى حدٍّ كبير مع رأي المدرب وقراراته، بل لرُبّما ما حصل من فوارق في الأداء والنتيجة خلال مباراتي الفلبين قد أوصلت المدرب أيضًا إلى قناعة مفادها أن خياراته في المباراة الأولى بالبصرة لم تكن موفقة!، وإن البقاء بالمُراهنة على بعض العناصر التي نالت ما يكفي من فرصٍ ولم تكن قادرة على العطاء لم يكن مُجديًا!
لذلك وجدنا أن أسلوب الأداء والتشكيلة التي لجأ اليها كاساس اختلفت بنسبة كبيرة عن المباراة الثانية التي مهّدَت لنا الطريق في إيجاد (الحلول) بعد أن ظلّت غائبة في البصرة حتى الدقيقة 84 من زمن المباراة!
إن منح الفرص للاعبين هو الآخر قرار لا غُبار عليه، ولكن تلك الفرص لا يمكن منحها سوى إلى لاعبين قد يفتقرون للخبرة التي تمنحهم المزيد من الثقة، ومن ثم تسهم في أخذ موقعهم الطبيعي بين تشكيلة المنتخب، وليس أدلَّ على ذلك من حالة التطوّر التي بدأنا جميعًا نتلمَّسها من خلال أداء المدافع زيد تحسين الذي نتمنّى أن يكون واحدًاً من أعمدتنا الدفاعيّة المتميّزة في قادم الأيام!
أخيراَ وليس آخراً نقول: بعد مباراتي الفلبين يتوجّب أن يبدأ (العمل) الحقيقي دون الانتظار لما بعد مباراتي إندونيسيا وفيتنام.. والسبب إننا حققنا المطلوب ولا بدّ أن ينصبَّ الجهد والتخطيط للمرحلة الحاسمة من التصفيات والتي ستكون مختلفة حتمًا ولا بدّ من توفير (الأدوات) الصحيحة لخوض غمار منافساتها، وليس التعكّز على اسماء لمجرّد أنها كانت (اسماء) يومًا ما، ولكن عطائها قد أصبح من الماضي، بل وقد أكله الدهر وشرب.. فهل وصلت الرسالة يا ترى؟!