سامر الياس سعيد
عرف العالم انماطًا مختلفة من الصحافة بدءًا بالورقيّة ومرورًا بالكثير من التطوّرات التي شهدها ميدان السُلطة الرابعة حتى مرّ قبل عدّة سنوات بمُنعطف الصحافة الإلكترونيّة عبر المواقع والمنتديات الإلكترونيّة التي اسهمت بإذكاء التنافس بين مختلف وسائل الإعلام لغاية إبراز جهودها في السبق الصحفي وتعريف القارئ بالمستجدّات الجارية على خارطة الأحداث من خلال تجييرها لوسائل اسهمت في نقل الخبر أوّلًا بأوّل.
اهتمّت الصحافة الإلكترونية من خلال منافذها سواء عبر التطبيقات المُتاحة على أجهزة الاتصال أو من خلال الحاسوب بصورة غير نمطيّة للخبر، واعتمدت الدقّة والاختصار كون مثل تلك المنافذ لا قارن بتاتًا بما تسهم به الصحيفة الورقيّة والمطبوعات كالمجلات من تغطية تتجاوز عدد الصفحات، فيما اعتبر كثيرون أن تطوّر الصحافة الإلكترونيّة سيُسهم بلا شك بتناقص الصحف الورقيّة أو كسادها وقلّة قرّائها باعتبار أن كُل ما هو جديد يطرد العُملة القديمة!
لكن لكُل من تلك المنافذ ألقها وتوهّجها العام خصوصًا بما يتعلّق بالصحافة الرياضيّة، فالمجلات والصُحف الرياضيّة التي اعتمدت سِعة التحليل ودقّة الآراء في إبراز المنافسات الرياضيّة ما زالت تتربّع على عرش الوسائل الإعلاميّة المُحبّبة لدى شريحة واسعة من القُرّاء بعيدًا عن لعبة الأجيال!
كثير من وسائل الاتصال تبيّن رغبة البعض بمحاكاة صُحف أيام زمان رغبة منها باستزادة التوثيق واستقطاب وهج الأخبار القديمة لتوظيفها بمُحاكاة حديثة تسهم بلفت انتباه الأجيال اللاحقة على لُغة لم تتعرّض للكساد بدليل تداولها إلى يومنا الحاضر، أضف إلى ذلك اللمسة الفنيّة التي كانت مُستخدمة في طباعة تلك الصحف ممّا أسهم برواجها وتداولها بين أكبر شريحة واسعة من القرّاء.
ما زلتُ استذكرُ كيف تأهل المنتخب العراقي إلى كأس العالم لأوّل مرّة عام 1986 ومحطّات انتقاله الى أدوار الحسم وصولًا إلى بعد المباراة الفاصلة التي خاضها ضد المنتخب السوري بمدينة الطائف عام 1986 والشعبيّة الكبيرة التي زادت من الطلب على الصُحف خصوصًا وأن صُحفنا المحلّية لم تكن الوحيدة في مجال التغطية الأوفى لتلك المُجريات، بل استذكرُ هنا استخدام مجلات عربيّة لأغلفتها للإشارة إلى الحدث الكروي الذي يشعرُ كُل عراقي بالفخر في مناسبة استذكاره خصوصًا من جانب مجلة (التضامن) اللندنيّة التي وشّحت غلافها بعناق لاعبي المنتخب العراقي بعد تسجيل أحد الأهداف الثلاثة في المرمى السوري، واستذكرُ أنني قصدتُ مُعظم مكتبات مدينة الموصل بحثًا عن صحيفة اليوم التالي للإنجاز العراقي فلم أجد أي نسخة من الصحف الصادرة التي أشارت إلى الحدث المهمّ بكل تفاصيله ودقائقه بعد تهافت القرّاء على اقتنائها، وأعتقد جازمًا أن تلك الصحف التي واكبت هذا الحدث ما زالت نادرة وبأعداد قلّ وجودها في مكتبات المتابعين .
هذا غيض من فيض الحنين والنوستالجيا (الحنين إلى الماضي المثالي) لصُحف أيام زمان، بينما تحاول الصحافة الإلكترونيّة أن تحاكي الخبر بالصورة كون الأخيرة تعادل ألف كلمة، لذلك لا بدّ من اعتماد تلك المواقع إلى صفحات تُعنى بالتأريخ والإرث الرياضي لتعود إلى الصُحف القديمة وتستلّ منها تغطياتها التي تؤشّر منابع الإبداع الرياضي فلا حاضر من دون تأريخ ثريّ، ولا مستقبل يتلوّن إلا بألوان الحاضر، لذلك تبقى صفحات التأريخ مطلوبة في صُحفنا حتى ولو ارتدت الطابع الإلكتروني، لكي نمدُّ مع الحاضر والمستقبل جسورًا نصافح فيها أيام زمان ونُضيء من خلالها أحداث مررنا بها ومازالت تفاصيلها تنشّط ذاكرتنا لاسترجاعها خصوصًا وإن كُل دورة أولمبية تدعونا للترحّم على الرباع عبد الواحد عزيز صاحب الوسام البرونزي الوحيد الذي حققه قبل نحو نصف قرن أو ما يزيد .