سامر الياس سعيد
دفعني تقرير نشرته جريدة “الشرق الأوسط” السعودية بقلم محرّرتها أسماء الغابري، عن تجربة لافتة للاحتفاء بإرث أحّد أعرق أندية المملكة ممثّلة بنادي الاتحاد حيث سلّطت الغابري الضوء على متحفهِ، مُشيرة الى كونه أضحى وجهة سياحية لمشجّعي مونديال الأندية الذي اختتم مؤخّرًا على ملاعب السعودية بظفر فريق نادي مانشستر سيتي بلقبهِ حيث أسهبت المحرّرة في الإشارة الى محتويات المتحف والقطع الأثرية والتُحف الرياضيّة والمُقتنيات التي تم جمعها على مدى عقود من الزمن كما لم تكتف المحرّرة بالإشارة الى القطع المادية التي تحويها رفوف المتحف، بل لفتت الى إرث آخر يرتبط بأغاني النادي حيث أشارت لأغنية كان قدّمها الفنان المعروف فهد بلان للنادي قبل نحو أكثر من 50 عامًا إضافة إلى ميداليّات يربو تأريخها لأكثر من 45 عامًا وقمصان ومعدّات كان يستخدمها رياضيو النادي على مرّ الزمان فضلًا عن التعريف بتاريخ النادي وقائمة رؤسائِه والمقتنيات التي تحمل شعار النادي منذ انطلاقهِ في الميدان الرياضي .
فعلًا أعادني هذا الموضوع الى جملة تساؤلات عن واقع المحافظة على الإرث في ما يتعلّق بأنديتنا فبدأت من أندية مدينتي (الموصل) وتذكّرت الصعوبات التي تكتنف إدارة تلك الأندية في إبراز التاريخ الحقيقي لانطلاقة الأندية لاسيما نادي الموصل الذي بدأ تاريخ تأسيسه بمثابة اشكاليّة، فهنالك من يدّعي تأسيسه في عام 1957 وآخر يدّعي أنه انطلق بمسمّى نادي الجزيرة منتصف الخمسينيّات ثم تغيّر اسمه في ذلك التاريخ حتى برزت اشكاليّة التأسيس بمثابة معضلة حقيقيّة اطاحت بذكرى التأسيس التي تخصّص لها الأندية محطّة مهمّة للاحتفاء ومناسبة للعرفان وتكريم النُخب ممّن كانوا وراء تلك المراحل الأولى من ذكرى التأسيس.
حينما تسنح لي فرصة لقاء رئيس نادي أو أي عضو من أعضاء الهيئات الإدارية لبعض الأندية يمثل السؤال المُحرج بما يتعلّق بتأريخ تأسيس النادي أو النُخب المؤسّسة لتلك المحطّة الأولى التي تُعد خطوة النادي الأولى نحو الإشهار والإعلان، فغالبًا ما تتمّ الإشارة إلى تواريخ متعدّدة ممّا يُربك القارئ والمتابع عن أي من تلك التواريخ يجب اعتماده في شهادة ميلاد النادي ليتم لاحقًا الاحتفاء بذكرى اليوبيل مهما تعدّدت سنوات التوالي على ذكرى التأسيس .
وغالبا ما تواجهنا اشكاليّة تاريخ التأسيس فتبرز معضلة البحث عن موعد رسمي محدّد يتم من خلاله إبراز ذكرى ميلاد النادي، فهنالك من يعد وثيقة وزارة الرياضة التي تعتمد تأسيس النادي بمثابة شهادة الميلاد وهنالك رأي آخر يشير لاجتماع المؤسّسين لتشكيل النادي كالخطوة الرئيسيّة في قصّة التأسيس فتختلط الذكرى بتواريخ تشتّت وتفرّق ولا تجمع على تاريخ محدّد معتمد من جميع الأطراف وهذا ما يمثّل مشكلة أمام المحافظة على الإرث والتماهي مع تجارب الأشقاء سواء الخليجيين أم غيرهم بالمحافظة على الأندية العريقة والاحتفاء بمقتنايتهم في متحف جامع يضم كلّ ما ناله النادي عبر سنوات تاريخه من تكريمات وميداليّات ومقتنيات لا بل يُعد المتحف صحيفة ناطقة بالتاريخ للاعبين والمدرّبين ممّن تعاقبوا على النادي مُحقّقين له جمع الإنجازات والألقاب .
في السابق كانت هنالك صُحف محدّدة تُعد لسان حال أنديتنا حينما أصدر نادي الزوراء صحيفته في نهاية حقبة الثمانينّيات الى جانب أندية أخرى كانت لها صُحف لم تدم في الأصدار حينما انتقلت تلك الأندية الى صفحات مواقع التواصل من أجل إبراز اخبارها حيث مثلت التجربة المذكورة محطّة ضئيلة بما يتعلّق بعدد محدود يستثمر في الإعلام ناقلًا أخبار رياضييه ويستقطب الصحفيين الرياضيين لنقل الأخبار من بعض صفحات تلك الأندية بكونها موقعًا رسميًّا معتمدًا ومع ذلك لم تفلح مثل تلك التجارب في مضاهاة تجربة إبراز متحف يسهم بنقل تجربة السابقين من رياضيي النادي في محطّة الإرث الرياضي لتعزيز مسيرة الإنجازات والألقاب .