أنديتنا بلا ستراتيجيّة آسيويّة!

 

انتصار السراج

السِّمة الغالبة في جميع أندية العالم أنها مع بداية كُلّ موسم كروي تستعدُّ استعدادًا جيّدًا للدخول في منافسات الموسم الكروي الجديد، وهذا الاستعداد يأخذ نواحٍ عدّة من حيث استقطاب اللاعبين الجيّدين وكادر تدريبي كُفء وتهيئة معسكرات تدريبيّة وإقامة مباريات تجريبيّة وغيرها من الأمور التي بإمكانها أن تظهر أنديتها بأتمّ وأكمل صورة .

لا أعرف لماذا هذا الأمر مختلف بالنسبة لأنديتنا التي أصبحت لها مشاركات خارجيّة وبطولات آسيويّة على مستوى عالٍ، لكن لا نرى منها أيّة بادرة حقيقيّة وجديّة أيضًا من أجل ظهورها في البطولات الآسيويّة بمستوى يليق بهذا الحدث الكبير؟!

نتحدّث هنا على ناديي القوّة الجوية والشرطة اللذين غادرا البطولتين الآسيويتين بصورة بائسة تعكس سوء إعدادهما والتخبّط الحاصل من قبل إدارتيهما اللتين لم توفقا بتاتاً في اختيار المدرّبين لهذا المحفل الكبير ولم توفق بانتقاء العناصر والأدوات التي تُنجِّح الفريق في تحقيق النتائج القويّة وتظهرهُ بمستوى جيّد يليق بأسم العراق وتترك بصمة في تلك البطولتين!

لا يمكن المشاركة في بطولة قاريّة مهمّة مثل دوري أبطال آسيا للنخبة بفريق متواضع وهزيل برغم أنه (الأقوى) في العراق وهنا الطامة الكُبرى كونه أثرًا سيّئاً وصورة لا تليق به أمام الفرق العراقيّة التي هزم أغلبها في السنوات الأخيرة وتربَّع بطلاً للدوري ثلاثة مواسم متتالية.

كيف لم تصحّح إدارة الشرطة وضْعِ الفريق، وأين كانت عندما أسندت المهمّة لمدرّب شاب في مُقتبل عمره التدريبي ليخوض غمار أقوى المنافسات الآسيويّة وهو ليس بصاحب خبرة أو باع طويل في المحافل الخارجيّة الصعبة؟ ولا أعرف السبب الحقيقي لقبوله هذه المهمّة بدون توفر الأدوات اللازمة لإنجاحها مِن لاعبين محلّيين ومحترفين على مستوى عالٍ وخوض المباريات التجريبيّة للتأكّد من جاهزيّة اللاعبين قبل الدخول بهم في هذا المحفل الكبير والخروج من الباب الضيّق!   

ثم قولوا لنا: لماذا لم تستثمر المبالغ الطائلة التي تخصّص لتلك الأندية، أليس الأمر يحزن الجميع حينما لا يتحقق شيء يوازي الإنفاق الكبير؟!

الأمر ذاته ينطبق على نادي القوّة الجويّة الذي ودّع دوري أبطال آسيا 2 بأداء متواضع هو الآخر، ولم يقدّم المستوى الجيّد سوى في مباراتين لم تشفع له الاستمرار في مغامرته القاريّة.  

الاخفاق المتكرّر يستمر طالما أن إدارات هذه الأندية تسمح لمن هبَّ ودبَّ وتسمح لبعض العناصر (المتنفذة ) والمتسلّطة للتدخل في عملها وفرض بعض الأسماء عليها أو حتى خروج البعض الآخر ولم تجد لها الحلّ بإيقافها عند حدّها وجعل العمل لأهل الاختصاص ممّن يشهد لهم الجميع بالنزاهة والعمل بإخلاص والتفاني لخدمة كرة القدم العراقيّة.

لا بدَّ أن تزول بعض (المشاهدات المتكرّرة المُخجلة) في العراق (حصرًا) فبعد نهاية المباراة يتوجّه اللاعبون بالقرب من مدرّجات الجماهير ليقوم بعض (أشباه المشجّعين) بإلقاء كلمة عليهم وهُم يطرقون رؤوسهم بشكل غريب وكأن الواقف أمامهم مدرب أو إداري لديه منصب رسمي في النادي يسمح له بتوجيه الانتقاد واللوم ومحاسبة اللاعبين!! لا نعلم السبب الحقيقي الذي يجعل هؤلاء يتحدّثون مباشرة إلى اللاعبين بعد نهاية كُل مباراة وفي مشاهد مكرّرة وموثقة على منصّات التواصل الاجتماعي ( لمن يسأل عن مصدر هذه المعلومات)! فكفى لهذه المشاهد المُخجلة والمُخزية التي تسير بكرة القدم العراقيّة من سيىء إلى أسوأ وتصرّفات بعيدة عن الاحترافيّة والواقعيّة والتطوّر الحاصل في دول الجوار!

إذا ما أردنا مجاراة التطوّر الحاصل وتحقيق نتائج جيّدة في المشاركات الخارجيّة لا بدَّ لأنديتنا أن تأخذ بنظر الاعتبار الكثير من الملاحظات من أجل اللحاق بركب التطوّر الكبير الذي تشهده دول المنطقة من ناحية الاستعداد الكافي لأن (غياب) الإعدادين البدني والفني المناسبين قبل خوض البطولات الخارجيّة و(عدم تكيّف) اللاعبين مع الأجواء المختلفة والظروف لهما أثرهما الكبير في اخفاقهم!  يجب التقارب في المستوى الفني من خلال إضافة محترفين على مستوى عالٍ لأن أغلب الفرق المتنافسة في البطولات الخارجيّة تتمتع بمستوى فني أعلى وتجاربها أكبر في مثل هذه المسابقات!

ومن أهم أسباب إخفاق الأندية هو غياب الإدارة والقائد الإداري الحقيقي إضافة إلى الكوادر الفنيّة والكفاءة الإداريّة في بعض الأندية، وعدم وجود استراتيجيّة واضحة للتطوير، إضافة إلى المشاكل الماليّة التي تواجه العديد من الأندية المحليّة والتي تؤثر على قدرتها على التعاقد مع لاعبين مميّزين أو توفير الإمكانيّات اللازمة لإنجاح مهمّتها، ولا ننسى غياب الاحترافيّة بعدم وجود بنية تحتيّة رياضيّة متطوّرة، وقلّة الرعاية الطبيّة والاهتمام بالجانب النفسي للاعبين وللكوادر التدريبة.

النقطة الأبرز والأقوى في تدهور أنديتنا هي شبهات الفساد والمحسوبيّة حيث أن انتشارها في بعض الأندية أصبح بشكل مُبالغ فيه حتى بدأت تؤثر على اختيارات اللاعبين والمدرّبين أيضًا ومنهم من لم يستمر في مهمّته وقلّة عطائه يؤكّد أنه لا يستحق تمثيل الفريق الجماهيري ولا اللعب في دوري المحترفين!    

أنشر عبر

شاهد أيضاً

مصارحة في بيت العريق!

  انتصار السراج تعاني بعض الفرق الجماهيريّة من مشاكل مختلفة تؤثر عليها وعلى نتائجها بشكل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *